نساء صالحات

 

كانت أم حسان مجتهدة في الطاعة ، فدخل عليها سفيان الثوري فلم ير في بيتها غير قطعة حصير خَلِق، فقال لها: لو كتبت رقعة إلى بني أعمامك لغيروا من سوء حالك.

 

فقالت: يا سفيان قد كنتَ في عيني أعظم وفي قلبي أكبر مذ ساعتك هذه ، أما إني ما أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها، يا سفيان والله ما أحب أن يأتي علي وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله بغير الله فبكى سفيان.

 

* وقالت أم سفيان الثوري له: يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي؛ يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه لا ينفعك..

 

* وكانت أم الحسن بن صالح تقوم ثلث الليل وتبكي الليل والنهار فماتت ومات الحسن فرؤي الحسن في المنام فقيل: ما فعلت الوالدة؟ فقال: بُدِّلت بطول البكاء سرور الأبد.

 

* كانت عابدة لا تنام الليل إلا يسيراً فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بالموت وطول الرقدة في القبور للمؤمن رقاداً.

 

* ودخلوا على عفيرة العابدة فقالوا: ادعي الله لنا.

فقالت : لو خرس الخاطؤون ما تكلمت عجوزكم، ولكن المُحسن أمر المسيء بالدعاء، جعل الله قِراكم ( إكرامكم) الجنة ، وجعل الموت مني ومنكم على بال.

 

* وقدم ابن أخٍ لها من غيبة طويلة، فبُشرت به، فبكت فقيل لها: ما هذا البكاء؟ اليوم يوم فرح وسرور..

فازدادت بكاءَ ثم قالت: والله، ما أجد للسرور في القلبي سكناً مع ذكر الآخرة ، ولقد أذكرني قدومه يوم القدوم على الله، فمن بين مسرور ومثبور.

 

* وبكت عبيدة بنت أبي كلاب أربعين سنة حتى ذهب بصرها وقالت: أشتهي الموت، لأني أخشى أن أجني جناية يكون فيها عطبي أيام الآخرة.

 

* عمرة امرأة حبيب العجمي : كانت توقظه بالليل، وتقول: قم يا رجل، فقد ذهب الليل وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا.

رجال صالحين

قال رجل لإمام أحمد – رحمه الله – جزاك الله عن الإسـلام خيرآ

فغضب الإمام أحمد وقال: من أنا حتى يجزيني الله عن الإسلام خير !؟

بل جزى الله الإسـلام عني خيرآ.

 

قال رجل للحسن – رحمه الله – أعجزنا قيام الليل !؟

فقال: " قيدتكم خطاياكم "

 

أن إياس بن معاوية بكى لما ماتت أمه, فقيل: ما يبكيك.!؟

قال: كان لي بابان مفتوحان إلي الجنة, وغلق أحداهما.

 

كان يحيى بن معين نجاراً, وكان إذا رفع المطرقة وسمع الأذان, لم يردها مرة ثانية,

وإنما بادر بالذهاب إلي المسجد.

الأصمعي والخليفة أبو جعفر المنصور

 

يحكى بأن الأصمعي سمع بأن الشعراء قد ضيق من قبل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور فهو يحفظ كل قصيدة

يقولونها ويدعي بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة يقوم الأمير

بسرد القصيدة إليه ويقول له لا بل حتى الجاري عندي يحفظها فيأتي الجاري( الغلام كان يحفظ الشعر بعد تكراره القصيدة مرتين ) فيسرد

القصيدة مرة أخرى ويقول الأمير ليس الأمر كذلك فحسب بل إن عندي جارية هي

تحفظها أيضاً ( .والجارية تحفظه بعد المرة الثالثة ) ويعمل هذا مع كل الشعراء.

فأصيب الشعراء بالخيبة والإحباط ، حيث أنه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال

لكل قصيدة لم يسمعها ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً. فسمع الأصمعي بذلك فقال

إن بالأمر مكر. فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني . فلبس لبس الأعراب وتنكر

حيث أنه كان معروفاً لدى الأمير. فدخل على الأمير وقال إن لدي قصيدة أود أن ألقيها

عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الأمير هات ما عندك ، فقال القصيده..

 

 

 

 

وهذه هي القصيدة

 

 

صـوت صــفير الـبلبـلي *** هيج قـــلبي الثمــلي

 

المـــــــاء والزهر معا *** مــــع زهرِ لحظِ المٌقَلي

 

و أنت يا ســـــــــيدَ لي *** وســــــيدي ومولي لي

 

فكــــــــم فكــــم تيمني *** غُـــزَيلٌ عقــــــــــيقَلي

 

قطَّفتَه من وجــــــــــنَةٍ *** من لثم ورد الخــــجلي

 

فـــــــقال لا لا لا لا لا *** وقــــــــد غدا مهرولي

 

والخُـــــوذ مالت طربا *** من فعل هـــذا الرجلي

 

فــــــــولولت وولولت *** ولـــــي ولي يا ويل لي

 

فقلت لا تولولـــــــــي *** وبيني اللؤلؤ لــــــــــي

 

قالت له حين كـــــــذا *** انهض وجــــــد بالنقلي

 

وفتية سقــــــــــــونني *** قـــــــــهوة كالعسل لي

 

شممـــــــــــتها بأنافي *** أزكـــــــى من القرنفلي

 

في وســط بستان حلي *** بالزهر والســـــرور لي

 

والعـــود دندن دنا لي *** والطبل طبطب طب لـي

 

طب طبطب طب طبطب *** طب طبطب طبطب طب لي

 

والسقف سق سق سق لي *** والرقص قد طاب لي

 

شـوى شـوى وشــــاهش *** على ورق ســـفرجلي

 

وغرد القمري يصـــــيح *** ملل فـــــــــــي مللي

 

ولــــــــــــو تراني راكبا *** علــــى حمار اهزلي

 

يمشي علــــــــــــى ثلاثة *** كمـــــشية العرنجلي

 

والناس ترجــــــــم جملي *** في الســوق بالقلقللي

 

والكـــــــــل كعكع كعِكَع *** خلفي ومـــن حويللي

 

لكـــــــــــن مشيت هاربا *** من خشـــية العقنقلي

 

إلى لقاء مــــــــــــــــلك *** مــــــــــعظم مبجلي

 

يأمر لي بخـــــــــــــلعة *** حمـــراء كالدم دملي

 

اجــــــــــــر فيها ماشيا *** مبغــــــــــددا للذيلي

 

انا الأديب الألمــعي من *** حي ارض الموصلي

 

نظمت قطــــعا زخرفت *** يعجز عنها الأدبو لي

 

أقول في مطلعــــــــــها *** صوت صفير البلبلي

 

 

 

حينها اسقط في يد الأمير فقال يا غلام يا جارية. قالوا لم نسمع بها من قبل يا مولاي.

فقال الأمير احضر ما كتبتها عليه فنزنه ونعطيك وزنه ذهباً. قال ورثت عمود رخام من

أبي وقد كتبتها عليه ، لا يحمله إلا عشرة من الجند. فأحضروه فوزن الصندوق كله. فقال

الوزير يا أمير المؤمنين ما أضنه إلا الأصمعي فقال الأمير أمط لثامك يا أعرابي. فأزال

الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي. فقال الأمير أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟ قال يا

أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا. قال الأمير أعد المال يا أصمعي قال لا

أعيده. قال الأمير أعده قال الأصمعي بشرط. قال الأمير فما هو؟ قال أن تعطي الشعراء

على نقلهم ومقولهم. قال الأمير لك ما تريد .